كلمة الرئيس حسني مبارك بمناسبة الاستفتاء وذكري حرب أكتوبر

الإخوة المواطنون

بعد غد .. وفي السادس من أكتوبر يعيش شعب مصر من أقصاها الي أقصاها أمجد أعياده الوطنية وأخلد أيام نصره وأروع ذكريات بطولاته
في مثل هذا اليوم من عام 1973 حققت القوات المسلحة المصرية العبور العظيم واقتحمت أكبر المواقع وحطمت أخطر الحواجز والحصون بأقل خسائر في الأرواح عرفها تاريخ الحروب في جميع أنحاء العالم

واعترفت جميع المؤسسات العسكرية غربا وشرقا بأن هذا النصر التاريخي المذهل هو معجزة بكل المقاييس تخطيطا علميا محكما وتعاملا مقتدرا مع أحدث الأسلحة وأبطال شجعان في كل فروع القوات المسلحة وهبوا أنفسهم للموت لكي يكتبوا لمصر الحياة

ان الابطال الذين استشهدوا والابطال الذين اقتحموا برجولة وجسارة وسجلوا هذا النصر الخالد في أنصع صفحات تارخنا هم أبناء كل أسرة في مصر في المدينة والقرية في كل بيت صغير وكبير من كل الطوائف الفئات فقد وحد بينهم الانتماء للوطن الحبيب والولاء لترابه وتراثه والاستعداد البطولي الخارق للتضحية والفناء في سبيل مصر

أنهم اليوم وغدا وعبر الاجيال الرمز المتوهج لأسمي معاني التضحية وأروع آيات الوطنية وأمجد قيم الانتماء للأرض المقدسة وكان قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس الراحل محمد أنور السادات هو قرار الشجاعة والحكمة والولاء الاسمي للوطن والشعب والايمان الصادق بقدرة المقاتل المصري وجسارته وايمانه

لقد ارتفعت هامة مصر بكل الشموخ الي أعلي سماء وشعر كل عربي ان الامة العربية استردت كرامتها واستعادت زمامها بأول نصر لها في التاريخ المعاصر حققه الانسان المصري بعزيمته الصلبة وارادته التي تقهر اعتي التحديات وكان النصر طريقنا الي السلام
وتحررت الارض وارتفعت أعلام مصر علي كل شبر من التراب المفتدي وبدأنا معا معارك البناء من أجل حياة كريمة لكل مواطن علي أرض مصر

وكان الاساس الأول للبناء هو ارساء قواعد الديمقراطية والديمقراطية في مبناها ومعناها هي أولا وقبل كل شيء المشاركة في اتخاذ القرار وهذا هو حكم الشعب لا حكم الفرد

حكم الشعب القائم علي تعدد الأحزاب .. لا حكم الحزب الواحد الشعب هو صاحب القرار
الشعب هو الذي يختار ممثليه في سلطات الدولة الدستورية ومن يري فيهم القدرة علي التعبير عن افكاره وآماله وعلي كل الأحزاب أن تتنافس لكي تقنع الجماهير بما تدعو اليه ثم تقول الجماهير كلمتها وتعلي ارادتها
لا قسر ولا إكراه بل تسابق الي الاقناع والاقتناع .. والمواطن هو سيد قراره ولا سلطان يعلو علي سلطان ارادته الحرة

ولقد شرفني الشعب بتكليفي بالمسئولية الأولي في ظروف صعبة بالغة الخطورة وكان قرار الشعب بأغلبية كبيرة شاركت فيها كل الآراء والاتجاهات وعبر استفتاء فترة الرئاسة الأولي عن صورة حضارية وديمقراطية كانت مثار الإعجاب والتقدير في كل مكان

لقد برزت الصورة الحضارية في ذلك التدفق الشعبي الهائل علي صناديق الاستفتاء بصورة أثبتت أن الوعي المصري هو الذي يقود عملية الانتقال الدستوري في ثقة وثبات في وقت نواجه فيه موقفا من ادق المواقف التي يمكن أن تواجهها مسارات الدول والشعوب
وبرزت الصورة الديمقراطية في أن كل مواطن مشارك اعطي صوته بملء ارادته وحريته

وكان ما جري هو تأكيد من شعب مصر لقرار الاستقرار والاستمرار الاستقرار الذي يطغي علي كل نزعات تحاول أن تتطاول علي الشرعية والاستمرار في الالتزام بالسلام والتمسك بالحق طريقا الي البناء وبدأنا معا مرحلة جديدة في إعادة بناء الدولة والتزمنا جميعا بالبناء الديمقراطي الي أوسع مدي وازدهرت الحياة السياسية والحزبية

وانطلقت الصحافة في حرية لم نعرفها علي مدي تاريخ الصحافة في مصر ولم نفرط يوما في التزامنا بالديمقراطية ورغم محاولات عديدة سعت الي النيل من الديمقراطية ولكن الشعب تصدي لها بوعيه وحسه الوطني العميق وحمي الديمقراطية من كل عدوان وطيش
والمواجهة الإيجابية مستمرة والصحوة الشعبية مستمرة بكل العزيمة والصلابة في البناء والانجاز واحسب اننا ننطلق اليوم من شاطئ أمان وقاعدة ثبات وأمل

الأخوة والأخوات

لقد انتهت فترة الرئاسة ويشهد الله انني خضت في أيامها الأخيرة اختبارا قاسيا وجهادا شاقا مع النفس لأسباب تقدرونها جيدا وفي النهاية لم يكن أمامي إلا أن امتثل للشعب من غالبية ومعارضة بترشيحي لفترة ثانية في موقع المسئولية الأولي وتلك ثقة اعتز بها كثيرا وهي إرادة دستورية شعبية ترقي الي الأمر الذي يجب ان يطاع وهي قرار بالاستمرار وحماية الاستقرار

وغدا أيها الأخوة والأخوات

تتوجهون الي صناديق الاستفتاء للممارسة حقكم الدستوري الديمقراطي في أن يقول كل مواطن .. نعم .. أو لا حسبما يمليه عليه ضميره ولكل مواطن رأيه الحر في التقييم والتقدير .. هذا صوت ضميره وفكره .. الذي يضع فيه الصالح العام فوق أي اعتبار ولا مؤثر علي صوت الضمير بضغط أو فرض ولن تستطيع سلطة أو قوة أن تطغي علي ارادة الجماهير او تعبث بضميرها الوطني

الأخوة المواطنون

انني اتحدث اليكم الليلة وجميعنا ممتليء بنشوة ذكريات حرب أكتوبر التي تعلمنا من أمجادها الكثير تعلمنا منها أننا قادرون وان الإيمان الصادق هو وقود كل نجاح تعلمنا منها أن الفداء هو صانع المجد والكرامة والسلام وأن الثقة بالنفس أقوي من كل محاولات التشهير والظلام

وغدا .. هو يوم من أيام التحدي الكبير .. هو يوم التحدي الديمقراطي ان بعض القوي خارج الحدود وهي قوي باغية لا تريد خيرا لهذا البلد الأمين تحاول التشهير بالديمقراطية في مصر

وغدا .. يجب أن يثبت الشعب لهذه الأوهام الضالة أنه مؤمن بالديمقراطية وأنه درع الديمقراطية وصمام حمايتها وأنه يمارس حقوقه وواجباته الدستورية دون تقاعس أو تكاسل غدا .. يقول شعب مصر .. لكل ممن يشكك في ديمقراطية مصر .. أنه سيد إرادته وأنه صانع قراره بيده

أن كلمتي اليكم اليوم هي دعوة صادقة لأن يتوجه كل فرد منكم الي لجان الاستفتاء لكي يقول كلمته وفق مشيئته الحرة أن مباشرة كل مواطن لحقه الدستوري هي الامتحان لديمقراطيتنا وهي حكم للشعب أنه عزيز بحريته ممارس لها لكل الثقة والاقتناع أن ادلاء كل مواطن بصوته غدا هو شهادة أمام التاريخ أننا اخترنا الديمقراطية بغير رجعة منهاج حياة وأنه لا حياة بغير الديمقراطية

أن صوتك .. بنعم .. أوبلا .. هو صوت ضميرك الحي هو صوت مصر الظافرة التي يحرص فيها كل مواطن علي مباشرة حقوقه والالتزام بواجباته واسمي تلك الواجبات هو الواجب نحو الله والوطن .. وأجب المشاركة في حمل الأمانة اداء المسئولية والتخلي عن السلبية واللامبالاة ولا يهم بعد هذا ان يدلي المواطن برأيه في هذا الاتجاه أو ذلك

ان القرار هو قرار الشعب .. وكل مواطن في أي موقع هو خادم الشعب وهو الأمين علي قرار الشعب وكل صوت يدلي به مواطن سيكون له أثره وصداه في دائرة العمل العام لسنوات قادمة فنحن لا نأخذ شيئا قضية مسلمة ولا نقبل أي مساس بقدسية حكم الضمير الوطني ولن يضيع صوت مواطن أو يذهب سدي

أسأل الله لكم جميعا التوفيق والسداد
وأسأل الله لمصرنا العلا والتطور والتقدم بتكاتف الأيدي ومضاعفة الجهود وتآلف القلوب وابداع العقول
وكلنا بمصر نكون
وكلنا من أجل مصر ... عمل وعطاء وفداء

والسلام عليكم ورحمة الله