كلمة الرئيس مبارك للشعب في اعياد اكتوبر

الاخوة المواطنون

هذا يوم مجد وفخار لكل مصري ومصرية للأبناء والاباء والامهات لكل اسرة تعيش ارض مصر أوسعت الي خارج الحدود تنشد علما او عملا بل هو يوم مجد وفخار لكل عربي وعربية علي ارض العروبة من اقصاها الي اقصاها انه يوم النصر الخالد الذي حققته قواتنا المسلحة واعترفت المعاهد العسكرية في العالم كله بانه معجزة عسكرية بكل المقاييس

يوم أن بدأت القوات المسلحة المصرية نضالها الاسطوري واجتازت اكبر العوائق التي عرفتها الحروب يوم ان نفذت القوات المسلحة قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس الراحل محمد انور السادات بكل الشجاعة والحكمة والايمان الصادق بقدرة المقاتل المصري وجسارته وانتمائه العميق الي التراب المقدس

لقد كان قرار الرئيس الراحل محمد انور السادات هو نقطة التحول الجذرية التي قضت تماما علي اسطورة دعائية ساعدت علي ترويجها ظروف سابقة بأن المقاتل المصري لن يستطيع التحدي والتصدي وانه لم يعد قادرا علي ان يفتح صدره لنيران الأعداء ولكن الرجل كان مؤمنا بوجدانه وبالدراسة المتأنية التي شاركت فيها قيادات القوات المسلحة المصرية واجهزتها العلمية والفنية مؤمنا ان الدعايات السوداء هي التي أرادت ان تشوه صورة المقاتل المصري وتشوه صورة مصر التي زين لهم خيالهم ان يصورها بانها اصبحت جثة هامدة ولن يكتب لها صحوة ولو بعد خمسين عاما

ولم تكن حربا من اجل الحرب كانت اولا حربا من اجل تحرير الارض والارادة من اجل اثبات الكرامة القومية من اجل رسالة الي الاجيال المقبلة أن جيل اكتوبر اقدم علي التضحية والفداء بكل عراقة مصريته وبكل اصالة تراثه تلهب عزته الوطنية وشموخه بحضارته وتعامله القادر مع مستحدثات العصر من اسلحة معقدة وعتاد متطور انتجته التكنولوجيا الحديثة .. بل اثبت المقاتل المصري في كل فروع الاسلحة انه قادر علي التعامل مع هذه الاسلحة الحديثة باكثر استيعابا من ابناء الدول التي صنعتها وكان ذلك دائما باعتراف اكبر الخبراء العالميين

نعم لم تكن حربا من اجل الحرب فلسنا هواة خراب ودمار ولن تكون الحرب الحديثة ابدا بتكاليفها الضخمة وبنتائجها المروعة في التخريب والتدمير سبيلا ابدا الي اقرار حياة مستقرة امنة ولا سبيلا الي وقف حلقات الانتقام واخذ الثأر وهكذا ايها الاخوة المواطنون دخلنا اربع حروب ضحينا فيها باطهر الارواح واشرف الابناء وبلايين الجنيهات واستمر لهيب النيران دائما مشتعلا كانت حربا من اجل اقرار السلام

ولذلك كان قرار الرئيس الراحل انور السادات بطرح السلام ونحن في قمة النصر ولم يأخذنا زهو او غرور ولم يبعدنا اعتراف العالم كله الخصوم قبل الاصدقاء باننا حققنا معجزة عسكرية عن النظرة الصائبة باننا حاربنا وضحينا وانتصرنا من اجل ان ينتصر السلام

في هذا اليوم ايها الاخوة المواطنون نذكر كل هذه المعاني ونقدم للاجيال الجديدة التاريخ الصحيح بلا زيف التاريخ الصحيح بلا تهويل ونؤكد لها ان مصر قادرة اذا التزمت وبان كل قوي مصر صاحبة ارادة وشجاعة اذا ما دهمتها شدة كبري وان ابناء مصر هم صف واحد وجيش واحد في ساحة القتال وفي كل ارض مصر تحمي مقاتليها في وحدة وطنية متوهجة بالحب والترابط والايمان بوحدة المصير

بهذه المعاني السامية عاش شعب مصر علي ارضه الطيبة الاف السنين يصنع المجد وينشر العمران والتقدم يبني صرح السلام ويخوض غمار الحرب دفاعا عن الحق والمبدأ ورادعا للعدوان والجور فلم يتردد دائما في البذل والفداء ولم يتقاعس عن التضحية بالروح والدم ولقمة العيش

ومن هنا كان تاريخ الوطنية سلسلة متصلة من العطاء والاستشهاد في سبيل الله والوطن وكان سجل الجندي المصري صفحة ناصعة كتبها الشهداء بدمائهم الطاهرة وهم يقودون اشرف مسيرة ويتصدون لاعتي التحديات

ومثلما سقط الاف من ابناء مصر شهداء وهم يخوضون انبل المعارك في السادس من اكتوبر المجيد فقد سقط البطل صاحب قرار الحرب شهيدا في يوم عيده وقضي نحبه في اوج نصره فلم يمت الا وقد أدي رسالته نحو وطنه ونحو شعبه وأوفي بعهده لربه وعقيدته فكان قمة شامخة في مماته كما كان في حياته وكان جديرا بنا ان نذكره في عيده بكل ايات العرفان والفخر والوفاء

الاخوة والاخوات

انني لا اريد ان اتساءل مع المتسائلين .. اين روح اكتوبر ؟ اين منهج اكتوبر الذي خطط بأروع وادق تخطيط والذي استثمر كل الامكانيات المتاحة اكمل استثمار والذي درس كل الاحتمالات ووضع لكل احتمال خطة لمواجته

اين هذه المشاعر الملتهبة المتوهجة التي جمعت الشعب كله في كتيبة عمل واحدة حتي تحقق النصر . أنني اقول بأن روح اكتوبر لم ولن تتبدد ابدا أنني اقول باننا ملتزمون اليوم بمنهج التخطيط العلمي الدقيق الذي يحقق الاساس السليم لبناء الحاضر من اجل مستقبل ينعم فيه كل مواطن بحقه في الحياة الكريمة

انني اقول باننا نبذل اكبر جهد تتحمله طاقة الانسان من اجل استثمار كل الامكانيات المتاحة والتخلص من رواسب امراض ادارية واجتماعية واقتصادية استشرت نواصيها في كثير من مواقع حياتنا وعملنا

انني اقول ايضا ان المشاعر الوطنية لا يمكن ان تخبو ويستحيل ان تركن الي جمود او سلبية. ولذلك ناديت بكل الاقتناع بالصحوة الكبري ودعوت الي اطار قومي للعمل القومي نسأل فيه دائما ماذا اعطينا قبل ان نفكر في ماذا نأخذ او ماذا اخذنا ؟

ان الصحوة الكبري هي التعبير العملي الصادق عن روح اكتوبر واذا كنا قد اجتزنا ببسالة قواتنا المسلحة - اكبر العوائق العسكرية في تاريخ الحروب المعاصرة فان الصحوة الكبري هي سبيلنا اليوم الي اجتياز اكبر العوائق الاقتصادية وهي في وصفها الواضح البسيط اننا تحملنا اعباء ضخمة في اربع حروب وان العالم كله يواجه مأزقا اقتصاديا حتي في الدول الصناعية الكبري

التي لا تزال تعاني من التضخم والبطالة وكل ذلك كان له اثره علي معركة البناء بعد اقرار السلام وتحرير الارض وكان علينا ان نقرر البداية العلمية السليمة وهي ان نوفر بكل الامكانيات المتاحة لنا البنية الاساسية التي تقوم عليها زيادة الانتاج واتاحة فرص العمل وتوفير الحاجيات الاساسية وتخفيف المعاناة عن محدودي الدخل

وفي خضم هذه المعركة والتي تعاني فيها كل الدول النامية بلا استثناء تعرضت مواردنا لنقص لا دخل فيه بسبب انخفاض اسعار البترول وانخفاض موارد قناة السويس وتعرض السياحة لضربات صعبة بسبب الارهاب مما اثر ايضا علي دول اوروبا وغيرها من الدول

ولكننا وبروح اكتوبر وبايمان الصحوة الكبري لم نركن الي الاستسلام ولم نقف لندور حول انفسنا منتحلين اية اعذار . لقد اقتحمنا ولا نزال نقتحم ونحمد الله ان مكانة مصر الدولية وان نظرة الاحترام والتقدير التي تحظي بها علي المستوي العالمي وان ريادة مصر في اقرار السلام والتمسك بالمبدأ كل ذلك يعاوننا بايجابية علي استمرار الاقتحام وعلي التصدي بكل الثقة لمتاعب سنوات ثلاث صعبة

ومن هنا ايها الاخوة والاخوات المواطنون علينا ان نعلم جميعا ان معركة البناء هي معركة كل ابناء مصر مهما اختلفت افكارهم السياسية ومهما تباينت اتجاهاتهم العقائدية . والاسهام الحقيقي ليس فقط بكلمة النقد او بالتهويل في ابراز النقائص او بالمزايدة السياسية من البعض كل ذلك ليس من الديمقراطية في شيء لان الديمقراطية أولا واخيرا هي اداة بناء وسبيل مشاركة وطريق تجمع حر بكل الاراء المختلفة لكي نضع الصالح القومي في اسمي مقام

واننا جميعا علي ارض واحدة وكل جهودنا يجب ان تتكتل في حماية الامن والاستقرار ومقاومة اية نزعة شريرة تتصور انها قادرة علي النيل من الامن او هز الاستقرار ثم توجه نقد سليم الي تبادل الاراء لا تبادل الاتهامات وخطو مستمر الي الامام نحو هدف هو هدف كل المصرين وهو اقامة اقتصادنا علي الاساس السليم الذي يخفف المعاناة عن الجماهير

واحسب ان جماهير الشعب تفهم الديمقراطية وتؤمن بالديمقراطية بهذا الاقتناع . الجماهير لا يهمها تراشق الكلمات والسهام الجماهير تطالب بالحلول والافكار التي تضمن لها لقمة العيش وفرص العمل والحصول علي السلع الاساسية باسعار معقولة وتوفير المسكن المناسب واتاحة الفرص المتكافئة وتقويم ادارة المشروعات الانتاجية ومشروعات الخدمات وان تكون المدارس والمعاهد والجامعات معملا لتخريج جيل جديد متطور مع تطور القفزات العملية في كل انحاء العالم المتقدم

ان الديمقراطية هي في حرية التعبير وفتح الابواب المشاركة في اتخاذ القرار وكل ذلك متاح للجميع وعلي اوسع مدي ولا احد ينكر ان صحافتنا تتمتع بحرية لا توجد في اعرق الدول الديمقراطية ولذلك فان المسئولية تقتضي ان نتجه بحرية التعبير الي الطريق الصحيح الذي يقنع الجماهير ولا يتعمد مجرد الاثارة وخاصة ان الجماهير تري امامها عملا دائما انشاءات لا تتوقف وقرارات لرأب الصدع الاقتصادي

ولقد قدمت جماهير الشعب بمختلف فئاته الدليل الحاسم علي ايمانها بان الديمقراطية تنمو وتزدهر بالمشاركة الايجابية واداء الواجب الدستوري : بهذا الاقبال الرائع علي التصويت في انتخابات مجلس الشعب

انني اقدم شكري معتزا وسعيدا لابناء مصر رجالا ونساء الذين قالوا نعم والذين قالوا لا : لقد كان اداء الواجب الانتخابي تعبيرا عن الايجابية التي نرجوها دائما لدفع عجلة التطور ولن تكون السلبية ابدا سبيلا الي التقدم في مختلف مجالات حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية

الايجابية هي خطوة الي الامام - هي الصحوة التي ترفض جمودا او عودة الي الوراء

ايها الاخوة المواطنون

ان العالم يواجه ظروفا قاسية وكلكم تابعتم احداث الارهاب الخطيرة والتي هدفت الي هز الامن وزعزعة الاستقرار في فرنسا وها هي ذي الجهود الدولية تتكاتف لكي تنقذ الشعوب الامنة من اخطار هذا الارهاب ولكي تحمي اقتصادها من اثاره الوخيمة ولذلك كانت دعوتي امام البرلمان الاوروبي بهذا التوحد الدولي لمقاومة هذه الظاهرة الخطيرة المدمرة

ايها الاخوة المواطنون

في يوم 6 اكتوبر العظيم نحي ابناء قواتنا المسلحة العاملين في صمت المستعدين دائما بفداء الارواح لتبقي مصر المستقلة صاحبة السيادة وصاحبة القرار ولتبقي مكاسب الشعب آمنة من كل جنوح الشرور وكل مقاتل هو ابن مصر ولا احسب ان اسرة في مصر لم تقدم شهيدا اعطي دمه للتراب المقدس أو مقاتلا يقف في صفوف الفداء الاولي من اجل مصر

اننا جميعا نحني رؤسنا تحية لابنائنا الابطال من الشهداء وجرحي الحرب والمعوقين فقد اعطوا وطنهم اعظم العطاء وضربوا اروع الامثال في البطولة والفداء فكان حقا علينا جميعا ان نبقيهم دائما في ضمائرنا ووجداننا وان نتجه اليهم باسمي معاني الحب والوفاء

اننا نحي رجال الشرطة في مصر الذين يبذلون اقصي طاقاتهم لحماية أمن المواطن المصري واحترام حرماته وهو جهد خطير نقدره كل التقدير وخاصة ان مصر مستهدفة من قوي شريرة عديدة تريد ان تتطاول علي أمننا وأستقرارنا . وفي يوم 6 اكتبر ايضا نحي عمال مصر الذين شاركوا بارواحهم في بناء القواعد التي كانت مظلة أمان لمصر ولم يترددوا في اتمامها وغارات العدوان فوق رؤوسهم . وفي يوم 6 اكتوبر العظيم ايضا نحي وحدة كل المصريين بكل طوائفهم وهيئاتهم وتجمعاتهم التي كانت سندا وحماية لظهور المقاتل

وهذه هي مصر دائما مصر الغنية بشبابها يعمل ويثبت تفوقه وجدارته في كل مجال . مصر المحافظة علي قيمها وتقاليدها . مصر الامن والاستقرار والحمد لله مصر الايمان برسالات السماء مصر القادرة علي التحدي الصامدة للشدائد مصر العطاء والبناء مصر الامل والمستقبل وفقنا الله جميعا

والسلام عليكم ورحمة الله