-- عندما نحتفل بحرب اكتوبر المجيدة لابد أن نتذكر الرئيس حسني مبارك قائد القوات الجوية والذي كان له دور كبير ورئيسي في تحقيق النصر وإعادة العزة والكرامة لمصر والامة العربية بأكملها وفتح ابواب النصر امام قواتنا المسلحة الباسلة.
لاسترداد الأرض والكرامة.
لم تكن عودة جميع الأراضي المحتلة إلي مصر من براثن العدو الصهيوني إلا بعد معارك مشرفة وبطولات كثيرة جعلته يفيق من الغيبوبة التي عاش فيها ست سنوات بعد نكسة 1967 وفي 25 أبريل من 1982 كانت اللحظة الرائعة بالاحتفال بتحرير سيناء التي اكدت أيضا قدرة المفاوض المصري علي استعادة الحق وصنع السلام العادل القائم علي القوة وفي كنف قوات مسلحة قوية وقادرة علي الردع.
والوصول إلي عملية السلام واستعادة جميع الأراضي المحتلة لم يكن وليد المصادفة بل كان نتاجا طبيعيا لحرب لايزال العالم يدرس أركانها العسكرية ومفاجآتها التي أذهلت الصديق قبل العدو.. ففي الساعة الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر السبت السادس من أكتوبر عبرت أكثر من 220 مقاتلة وقاذفة مصرية جبهة قناة السويس متجهة إلي عدة أهداف إسرائيلية محددة في سيناء.. أحدث عبور قواتنا الجوية خط القناة بهذا الحشد الكبير، وعلي ارتفاعات منحفضة التهابا في مشاعر أبطالنا البواسل في قواتنا البرية علي خط القناة ودب الذعر والهلع في نفوس أفراد العدو علي البر الشرقي.
انطلقت البلاغات إلي القيادة العسكرية الإسرائيلية في تل أبيب من قواتها في سيناء.. تفيد بأن تشكيلات جوية مصرية هاجمت مواقعها والتي شملت ثلاث قواعد ومطارات وعشرة مواقع صواريخ مضادة للطائرات من طراز هوك.. وثلاثة مراكز قيادة وعددا من محطات الرادار ومواقع المدفعية بعيدة المدي... وكل ذلك في وقت واحد.. وهو ما كان نجاحا كبيرا لقواتنا الجوية بقيادة اللواء طيار محمد حسني مبارك، لا سيما أنها حققت نتائج باهرة بأقل خسائر لم تكن متوقعة.. في الوقت نفسه توالت تقارير علي غرفة عمليات القوات الجوية بنجاح الضربة وعودة الطائرات إلي قواعدها سالمة، وأن خسائرنا لم تزد علي 5 طائرات.. وأبلغ اللواء طيار حسني مبارك الرئيس أنور السادات بالهاتف في مركز عمليات القوات المسلحة بذلك وقال له "الحمد لله.. نفذنا العملية.. وخسائرنا محدودة".
قائد القوات الجوية
اللواء طيار حسني مبارك يعرف طياريه فردا.. فردا.. فقد تتلمذوا علي يديه عندما كان مدرسا بالكلية الجوية.. ومديرا لها.. وقائدا لأكثر من قاعدة جوية.. وقد تولي العقيد طيار حسني مبارك منصب مدير الكلية في فترة صعبة.. وذلك في نوفمبر 1967 بعد 5 أشهر من نكسة يونيو وكانت مهمته إعداد الطيارين الأكفاء الواثقين وإمداد قواتنا الجوية بهم استعدادا للمعركة المقبلة.
نجح الطيار حسني مبارك خلال عام ونصف في تخريج 6 دفعات من الطيارين.. وفي نهاية عام 1968 جاء الرئيس جمال عبدالناصر لزيارة مطار بلبيس.. وصافح العقيد طيار حسني مبارك مدير الكلية الجوية.. وقال له "إنت هنا بتعمل إيه يا مبارك".. وبالفعل تم ترقية العقيد حسني مبارك إلي رتبة العميد وتعيينه رئيسا لأركان القوات الجوية.. لتصبح مهمته ليس فقط تخريج النسور الجدد، ولكن المشاركة في إعادة بناء قواتنا الجوية .. لتصبح مهمته ليس فقط تخريج النسور الجدد، ولكن المشاركة في إعادة بناء قواتنا الجوية.. والتخطيط والإعداد لمعركة التحرير.. وفي أبريل 1972 أصدر الرئيس أنور السادات قرارا بتعيينه قائدا للقوات الجوية ليقود النسور المصرية إلي انتصارات أكتوبر.. وتتواصل المهام الشاقة للتدريب ورفع الكفاءة القتالية لطيارين في مختلف القواعد الجوية بالشمال والجنوب.. ويقضي قائد القوات معظم أيامه ولياليه بين أبنائه وتلاميذه في مختلف التشكيلات يسمع لهم ويناقشهم.. ويعطيهم من خبرته .. ويحل مشاكلهم.. ويتابع تدريباتهم حتي تم إتقان مهامهم بكفاءة عالية واقتدار.
جري بعد ذلك ترقية اللواء طيار حسني مبارك إلي رتبة الفريق، ثم اختاره الرئيس السادات نائبا له ليتحمل معه عبء المسئولية السياسية.. ثم تولي مبارك رئاسة الجمهورية في عام 1981 في ظروف غاية في الصعوبة بعد استشهاد الرئيس السادات في حادث المنصة.. وتحاول إسرائيل كعادتها دائما التنصل من الاتفاقيات وتأجيل تنفيذ المرحلة الأخيرة من الانسحاب من سيناء متعللة بطابا و13 نقطة حدودية أخري.. ولكن ذكاء وفطنة الرئيس مبارك أطاحت بمخططاتهم.. ليجبروا علي الانسحاب لتدخل مصر في معركة قضائية وضغوط من الرئيس حتي تصدر المحكمة الدولية قرارها بإجماع الآراء بأحقية مصر في طابا.. وتصبح أرض سيناء كلها مصرية 100% ويعود آخر شبر من أرض سيناء.. ويرفع الرئيس العلم المصري مرفرفا علي كل سيناء.
أيام مشهودة
تعد سيناء لدي الرئيس مبارك هي أرض الانتصارات والسلام.. وعن سيناء والتحرير قال الرئيس مبارك في كلماته وخطبه: "سوف يظل يوم الخامس والعشرين من أبريل واحدا من أعظم أيام مصر وأكثرها خلودا في تاريخ النضال الوطني لأنه في هذا اليوم المجيد من عام 1982 استعادت مصر كامل ترابها الوطني وارتفعت أعلامها الخفاقة فوق كل ربوع سيناء.. وأحس كل مصري أن الوطن قد استرد عزته بعد أن تحرر كل شبر من ترابه.
وأضاف الرئيس مبارك: "هذا الإنجاز الضخم كان ثمرة لنضال شعب أبيِّ عاش طوال تاريخه يدافع عن أرضه ضد الغزاة والطامعين ويبذل التضحيات الجسام ذودا عن كل شبر من ترابه الوطني لأن الأرض في نظره هي العرض والكرامة وهي قدس الأقداس التي لا يقبل المساس بها ويضع الدفاع عنها ضمن أول أهدافه القومية ويعتبره واجبا مقدسا دونه الموت والشهادة".
وقال: "يكاد كل حجر في سيناء يحكي قصة شهيد مصري بذل الدم والروح دفاعا عن هذه البقعة الغالية من أرض مصر الطيبة.. لقد تحررت أرض سيناء وارتفعت أعلام مصر فوق كل ربوعها بفضل رجال شجعان خاضوا في حرب أكتوبر المجيدة معارك باسلة أعادت للوطن كرامته وأثبتت قدرة القوات المسلحة المصرية علي إنجاز عمل عسكري ضخم أذهل العالم وغير أوضاع الشرق الأوسط وصحح مفاهيمه القديمة.. لقد كان تأثير حرب أكتوبر علي مستقبل الشرق الأوسط حاسما لأنها حطمت أسطورة التفوق وأكدت استحالة بقاء الاحتلال كأمر واقع واستحالة استمرار حالة اللا سلم واللا حرب.. كما أثبتت بما لا يدع مجالا لأي شك أن الحرب ليست الوسيلة المثلي لتسوية النزاع العربي ـ الإسرائيلي الذي يستنزف دول وشعوب المنطقة دون أن يتمكن أي من أطراف الصراع من أن يفرض إرادته علي الآخرين".
سلام عادل
وأضاف الرئيس مبارك: "كما خاضت مصر معركة تحرير سيناء واثقة من قدرة قواتها المسلحة علي تحقيق النصر خاضت معركة السلام واثقة من قدرتها علي إرساء دعائم سلام عادل وشامل يعيد الأرض إلي أصحابها ويحترم قواعد الشرعية ويجسد الالتزام الأمين بسلام متكافئ تتوازن فيه حقوق واجبات كل الأطراف.. لقد تحملت مصر مسئولية السلام منذ البداية حاربت من أجله وسلكت دربه بشجاعة منقطعة النظير وقدمت بمعاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية نموذجا صحيحا لسلام متكافئ صمد في وجه عواصف عاتية".
كما أكد الرئيس مبارك في كلمته بمناسبة رفع العلم المصري علي طابا عام 89 أن علم مصر لن ينكس أبدا.. وسوف يظل علم مصر شامخا خفاقا.. رمزا للحرية التي افتديناها بالمهج والأرواح وتعبيرا عن السيادة الكاملة لشعب مصر علي أرض مصر.
مصر الطاهرة مصر القادرة.. مصر القوة والعزة والفخار.. مصر الحضارة والتراث والتاريخ للأجيال مصر السلام فالسلام هو الهدف النبيل الذي يستطيع الإنسان أن يحققه في كل زمان وفي كل مكان ولقد أثبتت مصر وأثبت شعب مصر أن الإنسان القادر علي الحرب هو الإنسان القادر أيضا علي صنع السلام.. وكفي العالم مالاقاه من ويلات كبري لم تترك علي مر العصور أسرة بغير شهيد وبناء بغير تخريب وعيونا بغير دموع تبكي علي الاطلال لقد تجلت إرادة الشعوب اليوم في كل مكان أنها تريد السلام هدفا دائما وتحققه وتحرص عليه ولن يتصدي لأشباح الحروب الصغيرة والكبيرة إلا هذه الإرادة الجماعية الكبري التي تناضل من أجل أن تصنع الحياة والسلام ليس مناورة لالتقاط الأنفاس.. السلام ليس يدا تمتد.. وأخري تخفي الخناجر وراء الظهور.. السلام ليس شعارا نرفعه اليوم ونتحايل علي إسقاطه غدا السلام موقف ثابت تتجمع حوله كل القوي المحبة للسلام.


المصدر(http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=283225&eid=1207)