تحتفل مصر في السادس من أكتوبر بذكرى غالية وعزيزة على قلوب المصريين وهى ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة يوم استطاعت مصر عام 1973 أن تعبر من الهزيمة إلى النصر فهو يوم العبور ويوم العزة , ويوم تحول فيه تاريخ مصر من حرب الى سلام.

إن حرب أكتوبر بكل ماسطرته من ملاحم التخطيط والاعداد والتنفيذ والعبور والاقتحام وضعت حدا لغرور الجيش الاسرائيلى الذى كان يصف نفسه بأنه الجيش الذى لايقهر , لقد حققت العسكرية المصرية معجزة بكل المقاييس وبشهادة الخبراء والمؤرخين العسكريين فى العالم وكما يقول الرئيس حسنى مبارك قائد الضربة الجوية الأولى ان حرب أكتوبر كانت حربا عادلة ومشروعة من أجل تحرير أرضنا المحتلة فى سيناء ولولا الانتصار المصرى فى أكتوبر ما اضطرت اسرائيل لإبرام معاهدة السلام مع مصر.

فحرب اكتوبر هى رمز لعزة شعب و وجيش مصر والتى أعادت تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة , فقد كانت حربا مجيدة تسعى لاسترداد الأرض والحق ولم تكن حربا لمجرد الحرب بل صنعت السلام وأكدت أهميته وبقوة دفعها استعادت مصر كامل ترابها الوطنى وبدأت فى مشروعها الجديد نحو بناء الدولة المعاصرة من أجل رخاء ونماء الشعب.

ويرى المراقبون أن معركة العبور والنصر درس عسكرى غير معايير الحسابات والأفكار القديمة فى النظريات العسكرية وأسس لنظرية جديدة أصبحت تدرس للجيوش وفى الأكاديميات العسكرية العالمية وارتكزت هذه النظرية على قدرة المقاتل المصرى وأيمانه وشجاعته فى أقتحام الموانع العسكرية والتضحية بروحه من أجل وطنه وعرضه , ذلك المقاتل الشرس الذى أستطاع أن يقلب الموازين العسكرية العالمية فى رأس العش , وأيلات , وخط بارليف , وبور توفيق والسويس , بأدائه المتميز والتفوق والاستيعاب السريع لأعقد نظم التسلح , فهو بذل أقصى مايملك من جهد وفكر وعمل فى سبيل تحقيق النصر.

وقد كانت المفاجأة هى انتفاضة المقاتل المصرى واستعادة ثقته بنفسه فى مدة وجيزة لم تتجاوز ست سنوات رغم توقع الأعداء بأنه يحتاج لعشرات السنوات للخروج من محنته.

و كان انتصار أكتوبر 73 معجزة بكل المقاييس , وذلك لأن هزيمة 67 ألقت بظلالها على مصر كلها , وكان الشعب يطالب بالحرب والثأر , ولهذا كانت المهمة صعبة وأستطاع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر , أن يستعيد للقوات المسلحة جزءا غير قليل من قدراتها , لكنه رحل قبل أن يستكمل المهمة , وأستكملها الرئيس الراحل أنور السادات الذى تولى المسئولية وصاحب قرار الحرب.

وبدأ الاستعداد للحرب وكل جزء من القوات المسلحة يقوم بدوره سواء فى دراسة العدو , أواعداد خطة العبور , أو بالتدريب على الخطط للحصول على أعلى درجات الكفاءة فى التنفيذ وهو ماحدث بالفعل.

وفى 28 سبتمبر 1973 ألقى الرئيس الراحل أنور السادات خطابا فى مجلس الشعب يؤكد فيه أن تحرير الأرض هى المهمة الأولى والرئيسية. وفى الأول من أكتوبر وضعت اللمسات الأخيرة للأستعداد للهجوم على طول مواجهة قناة السويس.

وفى يوم الخامس من أكتوبر , كانت القوات المصرية على الجبهة فى أقصى درجات الاستعداد , وأصدر الرئيس الراحل السادات توجيها استراتيجيا إلى الفريق أحمد اسماعيل القائد العام بتكليف القوات المسلحة بتنفيذ المهام التالية , ازالة الجمود العسكرى الحالى بكسر وقف اطلاق النار اعتبارا من يوم 6 أكتوبر ,وتكبيد العدو اكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والسلاح والمعدات والعمل على تحرير الأرض المحتلة "سيناء" على مراحل متتالية حسب نمو وتطور امكانيات وقدرات القوات المسلحة.

وكان على القوات المسلحة المصرية أن تدخل حرب أكتوبر فى ظروف عسكرية صعبة ومعقدة لهدم نظرية الأمن الاسرائيلى كما كان عليها خوض الحرب مهما كانت الصعاب ومهما كانت التضحيات فقد دخلت القوات المسلحة الحرب بينما العدو له التفوق العسكرى فى السلاح والمعدات لذا فقد كان عنصر المفاجأه من أهم عناصر هذا النصر.

ودخلت الحرب بينما العدو يستند إلى خط محصن فى الضفة الشرقية للقناة ولديه القوات الكافيه فى الخط الأمامى فى سيناء , ودخلت الحرب وهى تقدر أن أقتحام القناة بقوة جيشين أى حوالى 100 الف مقاتل يعتبر من أصعب العمليات العسكرية , وأن نجاح العبور يتطلب انشاء كبارى ومعديات وذلك يتطلب عمل فتحات فى الساتر الترابى ولابد ان تقام الكبارى خلال 8 ساعات لعبور الدبابات والأسلحة حتى تتحقق المفاجأة ويمنع العدو من التدخل السريع.

وتحققت المعجزة ...و نجحت عملية العبور العظيم فى السادس من أكتوبر 73 الساعة الثانية وخمس دقائق ,عندما تكامل عمل الضربة الجوية مع عبور القوات المسلحة إلى سيناء فى ظل قصف المدفعية المصرية لخطوط دفاعات العدو , وتحت حماية حائط الصواريخ ليسفر كل ذلك عن عمل عسكرى فريد زاد من قيمته أنه وقع كالصاعقة على رءوس الاسرائيلين الذين أخذتهم المفاجاة التكتيكية والاستراتيجية لعملية عبور دخلت التاريخ العسكرى باعتبارها عملا فذا فى تاريخ الحروب.لقد أفقدت القوات المسلحة العدو توازنه فى 6 ساعات تحقق فيها النصر ليمحو للأبد حرب الأيام الستة التى كانت تتباهى بها اسرائيل رغم ان البعض لم يتوقع أن يحقق المصريون مثل هذا الاعجاز.

وأنهارت أسطورة الجيش الذى لايقهر , وأنهارت نظرية الأمن الاسرائيلى وتلاشت الفجوة التكنولوجية التى بالغ الاسرائيليون فى التهويل من شأنها وأصبح التفوق الجوى الذى كانوا يتصورونه امتياز يتفردون به مجرد وهم وسراب.

ولعل شهادات جنرالات اسرائيل عن جرأة وشجاعة المقاتل المصرى وروعةالتخطيط وهول المفاجأة خير دليل على ذلك , فقد قال موشى ديان. أن حرب أكتوبر كانت بمثابة الزلزال الذى تعرضت له اسرائيل , وأن ماحدث فى هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون.

وأظهر لنا مالم نكن نراه قبلها وأدى كل ذلك الى تغير عقلية القادة الاسرائيلين..بينما قالت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل فى حرب أكتوبر "لاأحد يدرك عدد المرات التى وصلتنا فيها خلال عام 1973 معلومات تفيد بأن الحرب ستنشب فى يوم أوفى أخر دون أن تنشب بالفعل ولن أقول أن هذا كان قدرا.. وكتب ريتشارد نيكسون الرئيس الأسبق للولايات المتحدة فى كتابه زعماء عرفتهم يقول "لولم نمد الجسر الجوى الى اسرائيل لما كان فى مقدورها الصمود أكثر من 48 ساعة".

أن المعجزة التى تحققت لم تكن على مستوى الجبهة العسكرية وحدها , وانما كانت أيضا على مستوى الجبهة الداخلية أيضا حيث كان سلوك الشعب حضاريا ومرتفعا الى مستوى الحدث ومسئوليته فلم يندفع المصريون لشراء السلع وتخزينها , ولم يرفع التجار اسعار السلع.

المصدر : nilenews.tv
وبانتصار أكتوبر فتحت مصر طريق السلام حيث أكمل الرئيس مبارك مسيرة السلام واستطاع أن يسترد ماتبقى من الأرض حتى أخر بقعة برفع العلم المصرى فوق طابا فى 19 مارس 1989, كما فتحت مصر ايضا الطريق لسلام الشرق الأوسط فمصر ترى ان الشرق الأوسط سيظل ساحة اضطراب وقلق فى غياب تسوية عادلة للقضية الفلسطينية لأنها مفتاح الحل لباقى أزمات المنطقة.

ان ذكرى الانتصار ستظل ماثلة دوما فى وجدان الشعب لأنها ذكرى أقترنت بمعان ودلالات كبيرة تدفع لمواصلة المسيرة وحشد كل الطاقات لبناء وتقدم الوطن وتحقيق حياة كريمة لكل مواطن فيه.
http://www.moinfo.gov.eg/EventsManager_Events.aspx?ID=130المصدر