كلمة الرئيس مبارك في ذكري نصر اكتوبر

الأخوة المواطنون

في يقيني ان كل مصري عايش نصر اكتوبر الخالد , هو فخور بأن القدر أتاح له هذه الفرصة النادرة في حياة الشعوب فخور بمصريته بعد أن حقق نصر أكتوبر العزة والكرامة لشعوب الأمة العربية من أقصاها إلي أقصاها .. فخور بقواته المسلحة بكل الموازين والمقاييس .. فخور بالشهداء , والأبطال الذين قدموا حياتهم لكي يكتبوا لمصر الحياة , واقتحموا الموت غير هائبين ولا وجلين حتي تحررت الأرض وارتفعت الأعلام وشمخت الهامات وفي هذا اليوم المجيد من حياتنا نذكر بكل الأجلال والأكبار ومن اعماقنا الشهيد البطل الرئيس الراحل محمد انور السادات صاحب قرار الحرب وقرار السلام فقد كانت خطاه من اجل رفعة مصر نابعة من ايمان عارم بالتراب المقدس معبرة عن انتماء راسخ

لمبدأ ناصع وهو انه لن يحرر أرض مصر الأ أبناء مصر وكان هذا الأنتماء الوطني سبيل اقتناعه الكامل بأن المقاتل المصري قادر علي الحرب , قادر علي السلام , قادر علي البناء .. نحن شعب يؤكد تاريخه الحضاري المتوغل في قلب الزمن انه شعب بناء .. شعب يضيف دائما الي تراثه وحضارته .. شعب يواجه المعاناة في أقسي الظروف واصعبها .. بالصبر والحكمة والعمل , ولولا هذه الخصال الأصيلة في شعب مصر لما استطعنا بامكانياتنا المادية المحدودة أن نواجه أربعة حروب طاحنة في قرابة ثلاثين عاما .. وكلفنا ذلك فوق ما يستطيع البشر في التضحية بأغلي الأرواح , وفي تحمل أعباء كلفتنا البلايين , ولكننا لم نتراجع ولم نهتز , ووقفنا بأقدام صلبة علي أرض صلبة ولم نخفض الرؤوس ولم نفرط في كرامة ولم نمد يدنا لاحد , وتحملنا وعجزت كل القوي الخارجية ان تنال من صمودنا حتي بعض الأصدقاء الذين وقفوا حولنا متفرجين

أيها الأخوة المواطنون

في هذا اليوم الخالد من تاريخنا المعاصر نشعر بأرواح الشهداء تحيط بأرواحنا وكأنها تستحثنا علي مزيد من الجهد والعرق , ولكي نكون جديرين بروح اكتوبر التي حققت النصر المعجزة ولكي نمضي في طريق البناء اكثر شموخا واقوي صلابة وأعمق ايمانا حتي نعطي لمصر بعض ما أعطته لنا مصر , وحتي يصل الشعب الكادح الي حقه كاملا في حياة كريمة تسعد حاضره وتؤمن بالأيجاب والتطور في حياته اليومية ولذلك فانه جدير بنا في هذه الذكري القومية العطرة ان نحاسب النفس وان نعتبر من الدروس وان نستمد من الحساب والعبرة وقودا متجددا يحرك طاقاتنا الي مزيد من البناء.. ان محاسبة النفس تقتضينا ان نكون صادقين صرحاء مع أنفسنا ونحن نعيد بناء الدولة معا ديمقراطيا واقتصاديا .. والصراحة تقتضينا ان نعترف بأن البعض منا لم يسلك الواجب في الممارسة الديمقراطية وآن لنا ان نتيقظ الي هذه الحقيقة وان نواجه جهاد النفس حتي يتعمق ايمان الملايين بأن الديمقراطية هي الدر

وهي الحماية وهي الأمان والصراحة تقتضينا أيضا ان نعترف بأن بناءنا الأقتصادي في حاجة الي مضاعفة الجهد وابتكار الحلول الذاتية الخلاقة وان يكون سؤالنا مستمرا الي انفسنا ماذا اعطينا ..؟ قبل ان نسأل ماذا يعطينا العمل .. ان قضيتنا الأولي هي الأنتاج الذي يحقق الأكتفاء الذاتي , والذي يتيح لنا موادا جديدة لما نصدره بعد ان قلت بعض الموارد الأساسية لاسباب مرتبطة بالأسواق العالمية وأثرت علي غيرنا كما اثرت علينا وزيادة الأنتاج يحققها الألتزام بآداء الواجب , بالأمانة والصدق بمثل ما تحققه الحلول العلمية , وقيام التخطيط السليم , وهذه حقيقة تنطبق علي كل مواقع العمل كبيرها وصغيرها في المدينة والقرية والنجع الصغير

ان التشاحن والتضارب والسعي المحموم الي الكسب السريع كلها معوقات امام طريق البناء , نحن أمة واحدة متحدة لم تنل من صلابة وحدتها واتحادها كل مؤامرات الأعداء , انها الأمة التي صدت وحدتها واتحادها كل مؤامرات الأعداء , انها الأمة التي صدت كل الغزاة وحققت استقلالها وحريتها وسيادتها بالثورة الوطنية والحرب العادلة , فاذا نحن أرسينا قواعد السلام ودعمنا قواتنا المسلحة المظفر

بأحدث العتاد لحماية السلام فان طريق بنائنا الداخلي هو الطريق الأوحد الذي تتدفق اليه مواكب الملايين هذه عن محاسبة النفس أيها الأخوة المواطنون فاذا نادينا ايضا بأن نأخذ العبرة من دروس الماضي والحاضر فانا لنا في ذلك مواقف مضيئة تسجلها أنصع صفحات التاريخ وأقرب مثل هو حرب اكتوبر الخالدة .. لقد واجهنا انفسنا بأوجه القصور في الحروب السابقة وعقدنا العزم علي علاجها الحاسم , والتخلص من دواعيها واسبابها .. وهكذا تحقق النصر بعد ان كنا نسمع من اكبر خبراء العالم اننا في حاجة الي قنبلة ذرية لكي نحقق العبور العظيم ولقد تحقق هذا المجد التاريخي بحلول ذاتية فكرت فيها عقول مصرية ونفذتها بخسائر قليلة لا تكاد تذكر .. اذهلت كل الحسابات والتوقعات نفذها رجال آمنوا بربهم ووطنهم وحق الشعب في الحياة وهذا بعض من روح اكتوبر

أيها الأخوة المواطنون

ان معركة السلام مستمرة وسوف تستمر بمشيئة الله في جيلنا والأجيال المقبلة .. والأعباء الثقيلة التي خلفتها أعباء أربعة حروب لاتزال ثقيلة وان تخففنا من بعضها وهو كثير وقد شاء قدرنا ان يكون الطريق طويلا , ولكن روح اكتوبر تطالبنا بأن يشتد الخطو وأن تتقدم كل سواعد الرجال وأن نتعاون بالترابط والتكامل والثقة علي تحقيق الأهداف الأقتصادية والأجتماعية وفقا للأولويات التي يحكمها الصالح العام

ولتكن امكانياتنا الروحية والمعنوية معوضة عن أي نقص في امكانياتنا المادية .. ان كل يوم جديد في حياتنا هو امتحان جديد لقدراتنا ونحن قادرون علي النجاح باذن الله .. ان ما تحقق منذ اكتوبر 1973 حتي اليوم من انجازات ضخمة في مقدمتها انجاز السلام لهو خير حافز لنا جميعا علي صنع الغد الجديد

أيها الأخوة المواطنون

ان التحية في هذا اليوم لقواتنا المسلحة ليست تحية تقليدية انها تحية الأقتناع بأن هذا الجيل الشاب من أبناء مصر تميز بالأنتماء الوطني والقدرة علي العطاء والشجاعة حتي الموت انها تحية العرفان من الشعب بأن ابناءه المقاتلين يؤدون اسمي الواجبات القومية وهي حماية الوطن من أي عدوان يستهدف وجودنا وقيمنا وعقائدنا .. انها تحية الوفاء لمن رفعوا علم النصر بعد ان شاع في العالم كله ان مصر أصبحت جثة بلا حراك وهي الدولة المهزومة التي تريد ان تفرض شروط المهزومين .. وهكذا اغلقت في وجوهنا كل ابواب السلام وانتظروا منا وثائق الأستسلام ولكن مصر أثبتت للعالم كله , انها كانت تنشد السلام عن قوة لا عن ضعف , وانها كانت تريد أن تجنب الشعوب كل أثار الحرب من خراب ودمار , وان خيارها للقتال كان في الوقت نفسه خيارا لفرض السلام .. لقد كانت مرحلة القتال في مصر صورة تاريخية رائعة

لمساندة الشعب لقواته المسلحة .. العمال الأبطال الذين استشهدوا في اخطر عمليات بناء القواعد الصاروخية وحظائر الطائرات وسماؤنا مفتوحة وقذائف الموت تطاردهم بالليل والنهار .. الأطباء وكل اجهزة المستشفيات التي بذلت أقصي رعاية للمصابين وضحايا النيران .. المرأة المصرية التي ودعت الشهيد , وشجعت المقاتل وباركت كل تضحية من اجل النصر ولو كانت في ثلاثة من ابنائها كلهم تسابقوا الي لهيب المعركة .. وهكذا تحقق النصر وكنا صادقين عندما أعلنا للعالم كله بعد 67 اننا خسرنا معركة ولم نخسر حربا .. نحن أمة تظهر أطهر واقوي خصالها في ساعات الشدة وعندما تنزل بنا الخطوب .. وبهذه الأصالة نحن ماضون في طريق البناء , نحاسب النفس , ونتعظ من الأخطاء منطلقين في رحاب الحرية والديمقراطية الي أبعد الأفاق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته