خطاب الرئيس حسني مبارك في ذكري إنتصارات أكتوبر المجيدة

ايها الاخوة المواطنون

الاخوة والابناء رجال القوات المسلحة

لا يعرف تاريخ مصر علي كثرة ايامه الخالدة يوما يمتليء مجدا وفخرا مثل السادس من اكتوبر يوم العزة والكرامة يوم التضحية والفداء يوم العبور العظيم الذي أعاد للعسكرية المصرية أمجادها واعاد للشعب المصري ثقته بنفسه وقدراته وأعاد للأمة العربية ذاتها وفتح عيون العالم علي حقائق جديدة بددت اوهاما واساطير كثيرة وصححت مسار التاريخ في منطقة الشرق الاوسط .

تحية للشهداء

تحية الي شهداء مصر الابرار الذين لولا دماؤهم الزكية لما كان هذا النصر الذي رفع هامات مصر وحفظ لها مكانتها واعاد لها اعتبارها واكد للجميع ان مصر لن تقبل الامر الواقع وانها قادرة بتضحيات ابنائها علي تغييره0 ابطال العبور تحية الي كل الذين شاركوا في حدث العبور العظيم ضباطا وجنودا أينما كانت مواقعهم الآن فقد حققوا عملا يقرب من المعجزات عندما استطاعوا ان يقتحموا القناة اكثر الموانع الطبيعية صعوبة ليدكوا حصون بارليف ويقيموا رؤوس جسور ثابتة كأطواد الجبال فوق ارض سيناء ويرفعوا علم مصر خفاقا علي امتداد الشاطيء الشرقي للقناة وفي عمق سيناء حتي المضايق .

أداء عبقري

تحية الي كل الذين شاركوا في معارك البر والبحر والجو ليجعلوا من حرب اكتوبر المجيدة منظومة متكاملة لأداء عبقري تناغمت فيه جهود افرع القوات المسلحة في خطة متكاملة أمسكت بزمام المبادرة وحافظت علي دقة التنفيذ وحققت أهدافها كاملة .

تحية للسادات

ثم تحية عرفان وتقدير الي بطل مصر وشهيدها العظيم الرئيس الراحل محمد انور السادات الذي تحمل ما لا يستطيع بشر ان يتحمله كي يثبت للعالم كله ان مصر لن تكون ابدا جثة هامدة بلا حراك بل ستظل قوة منيعة أبية تستعصي علي الطامعين والحاقدين رغم الوضع الدولي الذي سعي للحفاظ علي حالة اللا سلم واللا حرب تكريسا للأمر الواقع واستهانة بقدرة العرب علي تغييره .

السلام العادل

ولعل اعظم نجاحات الرئيس السادات هو انه حدد لحرب اكتوبر المجيدة هدفا واضحا صحيحا هو السلام القائم علي العدل الذي يحقق الأمن المتكافيء والمتوازن لكل الاطراف ويضع القضية الفلسطينية في بؤرة الاهتمام الدولي باعتبارها جوهر الصراع العربي الاسرائيلي .

مكانة مصر

الاخوة والاخوات

لقد مضي علي حرب اكتوبر المجيدة ثلاثة وعشرون عاما يعني ان جيلا بأكمله لم يعاصر هذه الحرب التي أعادت لمصر مكانتها والزمت الاسرائيليين بالرحيل عن كل شبر من ارض سيناء وفتحت ابواب التسوية العادلة لمشكلة الشرق الاوسط التي استنزفت طاقات المنطقة اكثر من نصف قرن تحمل فيها الشعب المصري تضحيات جساما اثقلت كاهل الاقتصاد الوطني وعطلت خطط التنمية واعاقت مشاريع الاصلاح حتي تهالكت مرافق مصر وبنيتها الأساسية .

إنجاز وتضحيات

ومن الحقائق الثابتة ان الانجاز الرائع الذي حققته القوات المسلحة المصرية في حرب اكتوبر ما كان يمكن ان يتم لولا تضحيات هذا الشعب العظيم الذي رفض الهزيمة ووقف الي جوار قواته المسلحة يدعمها بكل ما يملك واثقا من قدرتها علي احراز النصر رغم الظروف الدولية والاوضاع العسكرية الصعبة التي كانت تواجهها.

الوحدة الداخلية

لقد رفض الشعب المصري العظيم محاولات تكريس روح اليأس داخله وتمسك بوحدته الداخلية وظل علي ثقته في قدرة قواته المسلحة علي استرداد الارض والكرامة مهما تكن المصاعب والتضحيات .وعندما وقع العبور العظيم واقتحمت القوات المصرية قناة السويس وهدمت الساتر الترابي الضخم وحطمت خط بارليف وحصونة المنيعة ورفعت اعلام مصر فوق ربوع سيناء واستردت مصر عافيتها واستعاد المصريون كرامتهم وتحطمت علي أرض المعركة أوهام وأساطير كثيرة .

القوة والهيمنة

واندثرت حالة اللا سلم واللا حرب وتبعثر غرور القوة ودعاوي الهيمنة والتفوق وتأكيد للجميع ان القوة مهما بلغت لا تستطيع وحدها ان تحقق الأمن الكامل وان الطريق الأكيد لتحقيق الأمن والاستقرار هو السلام العادل والشامل الذي يعطي كل ذي حق حقه ويضع حدا للظلم والجور ويقيم العلاقات بين الأمم والشعوب علي أساس القبول الحر والرضي المتبادل .

متغيرات جديدة

الأخوة والاخوات ..

إننا نعيش الآن في ظل ظروف اقليمية ودولية دقيقة تتطلب المزيد من الحيطة والحذر خصوصا مع ظهور متغيرات جديدة يمكن ان تؤثر علي استقرار الشرق الاوسط وتوازناته لسنوات طويلة قادمة وسوف يكون نوعا من خداع النفس ان نركن الي حسن النوايا في قضايا مصيرية تتعلق بأمن مصر وسلامها .

مصر القوية

لقد اصبحت حقيقة يسلم بها الجميع ان مصر القوية هي ركيزة الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الاوسط كلها وان سلامها رهن بقدرتها علي حماية مقدراتها اعتمادا علي ذاتها . كما ان دروس التاريخ تفرض علي مصر ضرورة الحفاظ علي جيش قوي قادر لا علي العدوان والبغي ولكن علي تحقيق السلام وحماية الأمن والاستقرار خاصة ونحن نعيش في منطقة لا تزال عرضة لمخاطر عديدة تعرض المنطقة كلها لتهديدات خطيرة تتطلب منا ان نحتفظ بقدرة دفاعية كافية تتيح لمصر ان تقوم بدورها الحيوي الذي لا يملك احد ان ينقص منه او يشكك في أهدافه ومراميه .

المناورة بدر 96

لقد كشفت المناورة بدر 96 التي قامت بها القوات المسلحة المصرية في الآونة الأخيرة عن قدرة فائقة علي التخطيط والتنفيذ والتنسيق المشترك بين كل افرع القوات المسلحة وصولا الي الهدف كما كشفت عن المهارات القتالية العالية لافرادها وقدراتهم المتزايدة علي استيعاب اساليب القتال الحديثه فضلا عن تطور اساليب القيادة والسيطرة التي غطت بكفاءة عالية مسرح العمليات الواسعة التي شاركت فيها كل الاسلحة فتحية مجددة لقواتنا المسلحة الباسلة وقيادتها التي بلغت أعلي درجات الكفاءة والمقدرة بكل المعايير .

استنزاف نصف قرن

الاخوة والاخوات ..

إننا نؤكد مرة أخري اننا نريد سلاما عادلا شاملا يحقق الأمن المتكافيء والمتوازن لكل الاطراف وينهي صراعا استنزف طاقات المنطقة لأكثر من نصف قرن ويعطي لشعوب الشرق الاوسط فرصة تنمية مواردها وتحسين حياة سكانها وأملنا بالفعل ان تكون حرب اكتوبر هي اخر الحروب لان الحرب دمار وهلاك واستنزاف متبادل لا يحقق الخير لأحد ولكن السلام لا يقوم ولا تترسخ جذوره في غياب الالتزام بأسس التسوية الصحيحة التي أقرها المجتمع الدولي ووافقت عليها كل الاطراف المعنية في مؤتمر مدريد .

الالتزام بالاتفاقات

ولن ينهض السلام ولن تترسخ جذوره في غياب الالتزام بالاتفاقات التي تم توقيعها علي مشهد من العالم أجمع وفي غياب رغبة صادقة في تنفيذ جميع بنودها وأحكامها دون استثناء او تردد من هذا المنطلق كانت مطالبتنا بأن يسبق انعقاد المؤتمر الاقتصادي الذي يلتئم شمله في القاهرة في نوفمبر القادم تحرك جاد علي المسارات المختلفة يبدأ بالتنفيذ الامين لما تم توقيعه من اتفاقيات وتجنب القيام بأي اعمال او ممارسات تتناقض مع روح السلام وتهيئء المجال لاستئناف المفاوضات فهذا وحده يحيي أمال شعوب المنطقة في سلام حقيقي شامل ويقيم اساسا وطيدا لتعاون إقليمي فعال مزدهر .

عقبات السلام

إن مسيرة السلام تجابه عقبات ومصاعب عديدة وتتعرض لمحاولات من خصوم عديدين يسعون الي تقويض بنياتها غير اننا علي ثقة من ان مسيرة السلام سوف تقهر مصاعبها وتهزم أعداءها لأن السلام رغم كل مصاعبه هو الخيار الصحيح الذي تريده كل شعوب المنطقة ويريده العالم اجمع وهو لغة عصر جديد يرفض دعاوي الهيمنة والتسلط الدولي بقواعد القانون والشرعية .

إرادة السلام

الاخوة والاخوات

إن انتصار إرادة السلام في منطقة الشرق الاوسط هو انتصار لارادة شعوبها التي تريد سلاما عادلا شاملا ينهي هذا الصراع الدامي الذي استنزف طاقاتها وهو بكل تأكيد انتصار لارادة الشعب المصري الذي جعل السلام رسالته الي كل شعوب المنطقة في ظل السلام تمكنت مصر لاول مرة في تاريخها من تنفيذ ثلاث خطط متتابعة للتنمية جددت شباب مصر وأعادت بناء مرافقها ووضعتها علي مشارف مرحلة انطلاق حقيقي .

سيادة القانون

ولولا السلام لكان متعذرا ان تواصل مصر مسيرتها الديمقراطية تطلق حرية الصحافة وتؤكد سيادة القانون وتدعم التعدد الحزبي وتعطي الاحزاب فرصتها المتكافئة وتفتح الابواب لحرية الرأي والفكر لقد غيرت حرب اكتوبر كثيرا من معطيات عالمنا الراهن لكن اعظم مآثرها هو انها أعادت لمصر ثقتها بذاتها واتاحت لها القدرة علي مواجهة تحدياتها باقتدار ونجاح ومكنتها من مواصلة جهود التنمية في مناخ امن وحفظت لها مكانتها ودورها التاريخي دولة رائدة تحمل رسالة سامية الي شعوب الشرق الاوسط والعالم أجمع تصون مسيرته وتصحح مساره سوف تواصل مصر دعمها لجهود السلام العادل واثقة من قدرتها علي تصحيح المسار لان السلام هو الحياة والمستقبل وهو رسالة الانسان علي الارض ووصية الله الي كل البشر وهو الامل المرتقب لك شعوب المنطقة .

أدعو الله العلي القدير ان يؤازر جهودنا ويكلل بالنجاح مسيرتنا كي يسود السلام في كل أنحاء المنطقة وترتفع راياته الخفاقة في كل أرجاء العالم علي امتداده . إنه نعم المولي ونعم النصير

المصدر
http://www.sis.gov.eg/Ar/Story.aspx?sid=24899

للأسف تاريخ مصر سيعرف ايام عار وخزي للمصريين