بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة والأخوات. أتحدث إليكم في الذكري الرابعة والثلاثين لنصر أكتوبر العظيم.. نستعيد بطولات قواتنا المسلحة.. نحيي أرواح شهدائها الأبرار.. وننحني احتراما لجيل عظيم من شعب مصر.. رفض الاستسلام للهزيمة وتجاوز صدمتها ومعاناتها. وقدم العديد من التضحيات من أجل تحرير الأرض.. واستعادة كرامة الوطن وكبريائه.
تمر بنا هذه الذكري فنستعيد معها صفحة حزينة في كتاب الوطن جاء نصر أكتوبر ليطويها إلي غير رجعة.
نستعيد صدمة الهزيمة عام1967 وضياع سيناء ومهانة الاحتلال.. نستذكر شهداء قواتنا المسلحة.. والمدنيين الأبرياء الذين سقطوا في’ أبو زعبل’ و’ بحر البقر’ ونستدعي من ذاكرة الوطن ضرب مدن القناة وتدمير منشآتها وتهجير أبنائها.
تمر بنا اليوم ذكري العبور فنستعيد معها فرحة النصر في مثل هذه الأيام المباركة من شهر رمضان.. عندما رفع رجال قواتنا المسلحة راية مصر فوق خط بارليف فارتفعت معها هامة الوطن.. تحية لهؤلاء الرجال في يوم العبور والنصر.. تحية لشجاعتهم وبطولاتهم وتضحياتهم.. تحية لأبطال قدموا حياتهم فداء لمصر.. تحية لرجال قواتنا المسلحة.. المرابطين دوما من اجل الدفاع عن أرضها.. الساهرين أبدا علي حماية سيادتها وأمنها القومي.
تحية لهذا الجيل العظيم من شعب مصر.. عاش سنوات الهزيمة وتحمل صدمتها ومعاناتها.. حفظ تماسك جبهته الداخلية ووقف صامدا إلي جانب قواته المسلحة تحية لشهداء مدنيين أبطال من أبناء هذا الجيل.. سقطوا وهم يبنون لجيشنا حائط الصواريخ ومنصات الإطلاق تحية لجيل أكتوبر ولصمود أبنائه لم يهنوا ولمن يستكينوا حتى تحقق لنا النصر. تحية لذكري الرئيس السادات.. استلهم شجاعته من شجاعة هذا الجيل وهذا الشعب.. اتخذ قرار الحرب واثقا في الله وشعبه وقواته المسلحة فاسترد لمصر أرضها وكرامتها وفتح الطريق إلي السلام.
الأخوة والأخوات. سوف تظل ذكري العبور والنصر علامة فارقة في تاريخنا المعاصر نستلهم منها الدروس والعبر والمزيد من العزم والثقة.
نتمعن في دروس سنوات الانكسار والهزيمة فنزداد تصميما علي ألا نسمح أبدا بتكرارها ونزداد تمسكا بان تبقي قواتنا المسلحة قوية متطورة.. وبأن تظل ـ تدريبا وعتادا درعا للوطن يردع العدوان ويحمي السلام.
نتمعن في دلالات حرب الاستنزاف والعبور من الهزيمة إلى النصر فتتضاعف ثقتنا في أنفسنا ويشتد عزمنا علي مواصلة مسيرتنا نحقق أهدافها وغاياتها ونتغلب علي ما تواجهه من تحديات.
لقد حققنا الكثير علي طريق هذه المسيرة.. خضنا ولا نزال معركة شرسة مع مخاطر الإرهاب والتطرف حافظنا علي السلام ولم ننجرف لما يهدده مضينا في إعادة بناء بنية أساسية متهالكة حققنا العديد من المكتسبات في شتي مواقع الإنتاج والخدمات.. وبذلنا أقصي الجهد ولا نزال لنحفظ استقرار الوطن.. في منطقة غاب عنها الاستقرار.
الأخوة المواطنون إننا ـ وبعد أربعة وثلاثين عاما من نصر أكتوبر نجتاز اليوم مرحلة مهمة في مسيرة الوطن باتت لدينا أولويات وتطلعات وتحديات جديدة.
باتت الأولوية لمواصلة جهود التنمية ومحاصرة الفقر.. بات التحدي الأكبر هو خلق المزيد من فرص العمل.. والحفاظ علي معدلات مرتفعة ومتواصلة للاستثمار والنمو والتشغيل.
صار شاغلنا الشاغل موازنة الأجور والأسعار وخفض معدل التضخم وتحسين ما يقدم للمواطنين من خدمات كي ينعكس ما حققنا من نمو اقتصادي علي حياتهم اليومية ومستوي معيشتهم.
نتطلع لتعزيز المشاركة في حياتنا الحزبية والسياسية.. نتطلع لوعي مجتمعي يدرك العلاقة الوثيقة بين الحرية والمسئولية.. وبين الحقوق والالتزامات.. كي لا تتعرض تجربتنا الديمقراطية للانتكاس.. أو تصل ـ لا قدر الله ـ إلي طريق مسدود.
إننا نمضي في المرحلة الراهنة من مسيرتنا بعزم وثقة.. نعي أن نصر أكتوبر لم يتحقق بين يوم وليلة.. وإنما اقتضي جهودا مضنية استمرت ست سنوات.. من اجل إعادة بناء قواتنا المسلحة والعبور من الهزيمة إلى النصر.
نعلم أن تحقيق طموحاتنا وأولوياتنا لن يتم بين عشية وضحاها.. لكننا نعلم كذلك أننا علي الطريق الصحيح.. وأننا نقترب من بلوغ أهدافنا يوما بعد يوم وعاما بعد عام.
ولا نلتفت لدعاوي التشكيك واليأس والإحباط فقد كان هناك من يشكك في قدرة هذا الشعب علي استعادة سيناء وإنهاء الاحتلال, كان هناك في إسرائيل من قال إن جيش مصر صار جثة هامدة لن تقوم له قائمة.. وكان هناك من بيننا من شكك في قدرة أبنائنا علي العبور والانتصار.
أيها الأخوة والأخوات والأبناء. سنمضي في هذه المرحلة من مسيرتنا بعزم ويقين.. نستلهم من نصر أكتوبر المزيد من الثقة.. نحقق طموحات شعبنا ونتغلب علي ما نواجهه من تحديات.
نعلي راية مصر ونحفظ سيادتها واستقرارها واستقلال أرادتها ندافع عن قضايا أمتنا ونعمل من أجل سلام وامن واستقرار منطقتنا.
تغمد الله شهداءنا برحمته.. وحفظ الله مصر وطنا عزيزا نعيش كراما تحت رايته وشعبا أبيا يمضي في مسيرته وينشد الخير للجميع.
كل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .