الإخوة المواطنون‏..‏
أتحدث إليكم في الذكري الرابعة والخمسين لثورة يوليو المجيدة‏..‏ أتوجه بالتهنئة لكل مصري ومصرية‏..‏ في عيد من أعياد مصر‏..‏ ويوم خالد من أيامها‏.‏

ستظل ثورة يوليو نقلة فارقة في تاريخنا الحديث‏,‏ فلقد وضعت أسسا راسخة وقواعد متينة لمسيرة عملنا الوطني‏.‏

لم تكن الثورة عبر مسيرتها أسيرة لقوالب جامدة أو فكر متحجر‏,‏ كانت واعية لتطور الأوضاع الإقليمية والدولية من حولها‏,‏ ومدركة لحركة التاريخ‏.‏
إن ذات الوعي والإدراك يلازمنا‏,‏ ونحن نمضي في مسيرة عملنا الوطني‏,‏ بأمل وثقة‏.‏

نعي أننا نتعامل مع معطيات وتحديات جديدة في الداخل والخارج‏,‏ ندرك ماتشهده مصر ومحيطها الإقليمي والدولي من تحولات‏,‏ ومايطرحه كل ذلك من متطلبات وأولويات مغايرة‏,‏ تحقق آمال شعبنا وطموحاته وتطلعاته المشروعة‏,‏ تتمسك بثوابت ومبادئ لانحيد عنها وتتجاوب في الوقت نفسه مع مقتضيات الظرف الإقليمي والدولي الراهن‏.‏

تمضي مسيرتنا وسط منطقة تزخر بالأزمات‏,‏ وعالم مضطرب يموج بالمخاطر‏,‏ يجتاز الشرق الاوسط أوقاتا صعبة وتجتاحه تحديات عاتية‏,‏ يتعرض الشعبان اللبناني والفلسطيني لتصعيد اسرائيلي يقوض فرص السلام‏,‏ وتواجه المنطقة حلقة مفرغة من العنف وزعزعة الاستقرار‏..‏ يجتاز العراق مرحلة دقيقة وحرجة‏,‏ ويتعرض أمن الخليج لمخاطر جديدة‏.‏

ان مصر تعي تماما خطورة الوضع الراهن‏,‏ وتبذل قصاري الجهد لاحتوائه مع الأشقاء في الامة العربية‏,‏ ومع الاطراف الإقليمية والدولية‏..‏ ولن تتوقف جهودنا من أجل سلام وأمن واستقرار الشرق الاوسط‏.‏

الإخوة والأخوات‏..‏
لم تعد مصر الآن علي ماكانت عليه في خمسينيات القرن الماضي‏..‏ أدت بنا المراحل المتتالية لمسيرة عملنا الوطني لمنعطف جديد‏.‏ باتت الاولوية الآن لاستكمال بنيان ديمقراطيتنا المصرية‏,‏ ومواصلة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي‏,‏ وتحقيق التنمية الشاملة والمتكاملة‏.‏

صار هدفنا الرئيسي هو بناء المجتمع العصري الذي نسعي اليه‏,‏ وإرساء دعائم الدولة المدنية الحديثة‏,‏ لمصر القوية الآمنة‏.‏

أصبح شاغلنا اليومي هو الاستمرار في التصدي لمشكلات المواطنين وهمومهم‏.‏ نولي الاولوية لاتاحة فرص العمل لشبابنا‏,‏ لزيادة انتاجية العامل المصري وقدرته علي المنافسة‏,‏ لتوسيع أسواق الصادرات المصرية‏,‏ للارتقاء بجودة مايقدم للمواطن من خدمات الصحة والتعليم والمواصلات‏,‏ للمزيد من تنمية الصعيد والدلتا وسيناء‏,‏ لرعاية محدودي الدخل‏,‏ وغير ذلك من مقتضيات رفع مستوي المعيشة لأبناء الوطن‏.‏

إننا اذ نحتفل اليوم بعيد مصر القومي‏,‏ نعي دروس مسيرة العمل الوطني قبل الثورة وبعدها‏,‏ نعتز بما حققناه من إنجازات ومكتسبات‏,‏ ونمضي بهذه المسيرة نحو المستقبل‏,‏ برؤية واضحة وعزم أكيد‏.‏

نعم‏..‏ لقد تغيرت أوضاع ومعطيات عديدة علي أرض مصر‏,‏ وفي منطقتها والعالم من حولها‏,‏ خلال الأربعة والخمسين عاما الماضية‏.‏

ما لم ولن يتغير‏,‏ هو الايمان بهذا الوطن العريق‏,‏ وبقدرة أبنائه علي المضي بهذه المسيرة نحو المسقبل الافضل‏.‏

ما لم ولن يتغير‏..‏ هو التمسك بالحفاظ علي أمن مصر واستقرارها‏,‏ وصون سيادتها واستقلال إرادتها الوطنية‏.‏

ما لم ولن يتغير‏..‏ هو وقوف مصر إلي جانب قضايا أمتها وسعيها المتواصل لتحقيق السلام في منطقتها‏.‏

الإخوة المواطنون‏..‏
ستمضي مسيرة عملنا الوطني دون تردد أو رجعة إلي الوراء‏,‏ تنطلق من منطلقات وطنية خالصة‏,‏ يحدوها الاعتزاز بهذا الوطن‏,‏ والدفاع عن مصالحه العليا ومصالح ابنائه‏,‏ يسدد خطاها حرص لا يتزعزع علي حاضر مصر ومستقبلها‏,‏ وإصرار لا يلين علي صنع الغد الذي نسعي اليه‏.‏

تحية لقائد الثورة ومفجرها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورفاقه‏.‏

تحية للرئيس الراحل أنور السادات الذي حمل لواء المسيرة من بعده‏..‏ وتحية لشعب مصر‏,‏ بطل هذه المسيرة وراعيها جيلا بعد جيل‏..‏ حمي الله مصر وأبناءها‏..‏ وسدد علي الطريق خطانا‏..‏ وكل عام وأنتم بخير‏..‏