الأخوة المواطنون ·· شكلت ثورة 23يوليوحدثاً رئيسياً فى تاريخ مصر ، ونقطة تحول أساسية فى مسارها الوطنى نحو الاهتمام بمصالح الشعب والارتقاء بحياته والدفاع عن كرامته واستقلاله ، فى ظل دولة مؤسسات تقوم على الحرية والمساوة واحترام سيادة القانون ·

كانت ثورة يوليو من أهم ثورات القرن العشرين وأكثرها تأثيراً فى محيطها الإقليمى ، فأنهت عصر الاستعمار القديم ، وساندت حركات التحرر الوطنى فى العالم النامى ، حتى ارتفعت أعلام الاستقلال فوق جميع دول أفريقيا وآسيا والمنطقة العربية وأسهمت فى إرساء دعائم التجمعات التى حافظت على مصالح هذه الدول وأكدت استقلالية قرارها ، والتى كان أبرزها حركة عدم الانحياز وجامعة الدول العربية

ولم يكن غريباً - فى ظل ذلك أن يقع هذا التلاحم الرائع بين الشعب وطليعة الثوار من القوات المسلحة ، التى قادها ابن مصر البار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، لتصبح الثورة عملاً شعبياً فى المقام الأول ، فساندتها كل فئات المجتمع ، وصاغت أهدافها وبرامجها فى ضوء الآمال الكبار ، التى جسدت حلم المصريين فى وطن مرفوع الرأس موفور الكرامة ·· فتم تحقيق الجلاء ، وضمان الاستقلال الوطنى ، وترسيخ حياد مصر بعيداً عن التبعية للقوى الكبرى ، كما حققت الثورة أحلاماً طالما راودت شعب مصر ، على رأسها تأميم قناة السويس ،وإرساء دعائم الصناعات الثقيلة والمتوسطة ، وإعادة توزيع الثروة ضماناً لحصول كل مصرى على حقوقه بغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو اتجاهاته السياسية

وبرغم أن الثورة قد وجدت نفسها فى مواجهة معارك ضاربة ارهقت جبهتها الداخلية ، وأقحمتها فى حروب متتالية استنزفت الكثير من جهدها وإمكاناتها المادية والبشرية، إلا أنها طورت من أدائها وواصلت انطلاقها تحت قيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فحققت نصرا عسكريا رائدا فى عام 1973أعاد للوطن كرامته واعتباره، ومدت جسور السلام الشامل والعادل الهادف لإعادة جميع الحقوق المغتصبة للشعوب العربية ·

وخضنا معا - أيها الأخوة والأخوات - منذ مطلع الثمانينيات مرحلة جديدة من المسيرة الثورية المستنيرة، بالبدء فى تنفيذ خطتنا الذاتية الطموح نحو التطوير والتحديث فى جميع مجالات الحياة، فاتسعت المشاركة الشعبية فى العمل السياسى، وخطونا خطوات رائدة فى التحول نحو اقتصاديات السوق، ونحو تحقيق العدالة الواجبة بين جميع فئات الشعب، وخاصة الفئات الكادحة ومحدودى الدخل

ومازال أمامنا الكثير لنبنيه معا نحو مستقبل مشرق بناء، انطلاقا من إيمان عميق بأن المصريين جميعا يلتقون حول الولاء الأسمى للوطن والوفاء الكامل للشعب

تحية إلى قائد الثورة ومفجرها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والى رفاقه الذين خرجوا صبيحة يوم 23 يوليو ليكونوا طلائع ثورة شعبية، غيرت مسار الوطن ليصبح ملكا خالصا لأبنائه

تحية الى قوات مصر المسلحة، التى أثبتت بتضحياتها وحسها الوطنى عمق ولائها وانتمائها للشعب وللوطن ·

وتحية الى شعب مصر العظيم الذى ساند الثورة فدعمته، وآزرها فحققت طموحاته وآماله فى التنمية والسلام والاستقرار

الأخوة والأخوات

بدأنا منذ أيام مرحلة جديدة من مراحل عملنا الوطنى، تهدف أول ما تهدف إلى تحقيق آمال وطموحات جموع الشعب فى حياة أفضل، نسعى فيها لتعميق وتفعيل المشاركة الشعبية فى العمل السياسى والحزبى والتنفيذى، ونعمل على استكمال التحول نحو اقتصاديات السوق، وعلى تحقيق أقصى استفادة من الخطى الثابتة التى قطعناها فى الإصلاح الاقتصادى، فى أطر تراعى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتضمن حصول كافة فئات الشعب - وخاصة محدودى الدخل - على نصيبهم العادل من ثمار التنمية ·

فقد أثبتت التطورات الإقليمية والدولية المتلاحقة أن الارتقاء بالوضعية المتميزة التى طالما تمتعت بها مصر فى المحيطين الإقليمى والدولى سيظل رهنا ببذل مزيد من الجهد الوطنى المتكامل فى ثلاثة محاور رئيسية :

أولها وأهمها : الاستمرار فى جهودنا الذاتية الهادفة لتحويل المجتمع المصرى إلى مجتمع عصرى، يواكب أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية، ويستفيد من إمكاناته الذاتية وإمكانات أبنائه المتميزة فى تحقيق ما يصبو إليه من رفعة وتقدم

وثانيها تحقيق مزيد من الانفتاح مع العالم الخارجى - أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية - استنادا لرصيدنا التاريخى لدى تلك الدول، الذى أسهم الدور الرائد لثورة يوليو فى ترسيخه وتعميقه، من خلال مساندتها لها فى تحقيق الاستقلال والتحرر، ومن خلال علاقات سياسية واقتصادية وشعبية متطورة قامت على وحدة الهدف والقصد

وثالثها : استمرارنا فى أداء دورنا الرائد كمحور رئيسى للسلام والاستقرار والتنمية، ليس فقط فى منطقة الشرق الأوسط، التى مازلنا نتحمل العبء الأكبر فى السعى نحو إقرار السلام والاستقرار فيها، وإنما فى القارة الإفريقية التى تربطنا وستربطنا بها وشائج علاقات تاريخية دائمة، وسعيا وراء تحقيق هذه الأهداف الطموحة أصبح من الضرورى أن نبدأ فى تنفيذ نهج جديد، نقتحم به كل المشكلات فى جرأة وإقدام، وبأسلوب علمى مدروس يكفل إيجاد حلول مبتكرة لها، نعمل من خلاله على إحداث نقلة نوعية متميزة فى كافة المجالات، بالاستفادة من خيرة أبناء مصر وأقدرهم على تحقيق النتائج، وأكثرهم استعدادا للحاق بركب العصر ومواكبة متطلباته

وكلى ثقة بأن شعب مصر العظيم سيقدم لحكومته ولقيادته التنفيذية الجديدة كل الدعم، فى إطار يجعلنا جميعا أكثر قدرة على تحقيق أهدافنا، ويقينى أننا سننحاز جميعا - مهما تختلف الرؤى وتتعدد الاجتهادات - إلى جوهر المبادئ الصحيحة التى قامت عليها ثورة يوليو، وطورتها التجارب المستمرة على مر السنين، دعما لجهود التنمية الشاملة المتواصلة وتعزيزا لاستقلال القرار الوطنى، وانحيازا لسلام عادل وشامل فى منطقة الشرق الأوسط وما عداها، يقوم على أسس من الشرعية الدولية والمساواة وتحقيق المصالح المشتركة ·


ولتكن ثقتنا بقدرتنا على تحقيق أهدافنا أقوى من أى تحديات، فإرادتنا قوية، وعزمنا أكيد، ولدينا كل مقومات النجاح
أسأل الله العلى القدير أن يوحد بين قلوبنا، وأن يدعم فى طريق الحق جهودنا، إنه نعم المولى ونعم النصير